{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)}الغاشية: من أسماء يوم القيامة. قاله ابن عباس، وقتادة، وابن زيد؛ لأنها تغشى الناس وتَعُمّهم. وقد قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسِيّ، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} فقام يستمع ويقول: «نعم، قد جاءني».وقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ} أي: ذليلة. قاله قتادة.وقال ابن عباس: تخشع ولا ينفعها عملها.وقوله: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} أي: قد عملت عملا كثيرا، ونصبت فيه، وصليت يوم القيامة نارا حامية.وقال الحافظ أبو بكر البرقاني: حدثنا إبراهيم بن محمد المُزَكّى، حدثنا محمد بن إسحاق السراج، حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا سيار حدثنا جعفر قال: سمعت أبا عمران الجَوني يقول: مر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بدير راهب، قال: فناداه: يا راهب يا راهب فأشرف. قال: فجعل عمر ينظر إليه ويبكي. فقيل له: يا أمير المؤمنين، ما يبكيك من هذا؟ قال: ذكرت قول الله، عز وجل في كتابه: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} فذاك الذي أبكاني.وقال البخاري: قال ابن عباس: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} النصارى.وعن عكرمة، والسدي: {عَامِلَةٌ} في الدنيا بالمعاصي {نَّاصِبَةٌ} في النار بالعذاب والأغلال.قال ابن عباس، والحسن، وقتادة: {تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} أي: حارة شديدة الحر {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} أي: قد انتهى حَرّها وغليانها. قاله ابن عباس، ومجاهد، والحسن، والسّدي.وقوله: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ} قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: شجر من نار.وقال سعيد بن جبير: هو الزقوم. وعنه: أنها الحجارة.وقال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وأبو الجوزاء، وقتادة: هو الشِّبرِقُ. قال قتادة: قريش تسميه في الربيع الشِّبرِقُ، وفي الصيف الضريع. قال عكرمة: وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض.وقال البخاري: قال مجاهد: الضريعُ نبتٌ يقال له: الشِّبرِقُ، يسميه أهل الحجاز: الضريعَ إذا يبس، وهو سم.وقال مَعْمَر، عن قتادة: {إِلا مِنْ ضَرِيعٍ} هو الشِّبرِقُ، إذا يبس سُمّي الضريع.وقال سعيد، عن قتادة: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ} من شر الطعام وأبشعه وأخبثه.وقوله: {لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} يعني: لا يحصل به مقصود، ولا يندفع به محذور.